
مع بداية العام الدراسي الجديد بات من الممكن إنشاء صفوف خاصة تسمى “الصفوف التوجيهية”، مخصصة للأطفال واليافعين الذين وفدوا حديثًا إلى النمسا دون أي تجربة سابقة مع المؤسسات التعليمية. الهدف منها تحضيرهم للاندماج في النظام المدرسي المحلي عبر تلقينهم اللغة الألمانية ومهارات أساسية في القراءة والكتابة والسلوك الاجتماعي.
لكن رغم التوسع الرسمي في هذا النموذج ليشمل جميع الولايات تحت إشراف وزير التعليم كريستوف فيدركير (NEOS)، فإن الواقع يظهر محدودية كبيرة في تطبيقه. فحتى الآن لا يوجد سوى 11 صفًا توجيهيًا في البلاد، منها ثمانية في العاصمة فيينا وثلاثة في فورآرلبرغ.
السبب الرئيسي وراء هذا العدد القليل يعود إلى وقف لمّ الشمل العائلي منذ يوليو الماضي، إذ لم يعد يُسمح بقدوم الأطفال إلا في حالات استثنائية، ما جعل الحاجة لهذه الصفوف أقل إلحاحًا مقارنة بالعامين الماضيين. ففي 2023 و2024 استقبلت المدارس النمساوية آلاف الأطفال القادمين خصوصًا من سوريا بعد أن قضوا سنوات في مخيمات لجوء بتركيا، كثير منهم بلا أي تعليم مسبق. حينها اضطرت العاصمة إلى فتح أولى هذه الصفوف في ربيع 2024، قبل أن تحذو فورآرلبرغ حذوها مع بداية الخريف.
الصفوف التوجيهية معدّة لفترة انتقالية لا تتجاوز فصلًا دراسيًا واحدًا، حيث يتعلم الأطفال خلالها قيم المجتمع النمساوي وقواعد التعايش، إضافة إلى تدريبات في المهارات الحركية والاجتماعية والتواصلية. بعدها يُفترض أن ينتقلوا إلى صفوف لتقوية اللغة الألمانية أو مباشرة إلى الصفوف النظامية.
في الوقت الحالي تضم الصفوف التوجيهية في فيينا 55 تلميذًا وتلميذة، جميعهم في سن التعليم الإلزامي، وينحدر معظمهم من بلدان ناطقة بالعربية. أما في فورآرلبرغ فيشارك 35 طفلًا من الصف الأول وحتى الصف التاسع، أغلبهم من سوريا وأفغانستان، ويصنفون كـ”تلاميذ استثنائيين” لضعف إتقانهم اللغة الألمانية وعدم امتلاكهم أي خبرة مدرسية سابقة أو مهارات القراءة والكتابة.
وزير الداخلية غيرهارد كارنر (ÖVP) كان قد أعلن بوضوح أنه يريد أن يظل لمّ الشمل العائلي محدودًا جدًا حتى بعد نهاية العام، وهو ما يعني أن الصفوف التوجيهية ستبقى ظاهرة محدودة، على الرغم من التوقعات التي رافقت إطلاقها بأن تكون إحدى أدوات أساسية لتسهيل إدماج الأطفال المهاجرين في المنظومة التعليمية.
فيينا، النمسا بالعربي.