
بعد سنوات الحرب الروسية على أوكرانيا، يزداد الحديث عن ضرورة عقد لقاء مباشر بين الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والكرملين فلاديمير بوتين. هذا اللقاء، إن حصل، سيُعتبر خطوة محورية نحو إنهاء النزاع، لكنه يصطدم بعقبات سياسية وقانونية وأمنية معقدة، بدءاً من مسألة المكان.
جنيف تُطرح بقوة بفضل موقعها كمدينة أممية محايدة واحتضانها لمقار الأمم المتحدة، وقد اقترحها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. غير أن سويسرا، رغم حيادها، التزمت بالعقوبات الأوروبية على روسيا، ما يجعلها بالنسبة لموسكو أقل مثالية. في المقابل، دفع المستشار النمساوي كريستيان شتوكر بفيينا كخيار مطروح، مذكّراً بتاريخ العاصمة الطويل في استضافة الحوار الدولي، ومبدياً استعداد بلاده للتنسيق مع المحكمة الجنائية الدولية بشأن ضمان حضور بوتين.
واشنطن سرّبت بدورها اسم بودابست كمسرح محتمل للقاء ثلاثي بين ترامب وزيلينسكي وبوتين. فالمجر، رغم عضويتها في الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، يقودها فيكتور أوربان، الحليف السياسي الأقرب لموسكو، وهو ما يجعلها محل ترحيب روسي، لكنه يثير تحفظات أوكرانية وأوروبية واسعة.

خيار آخر يظل قائماً في الفاتيكان، حيث عرض البابا ليون الرابع عشر استضافة المحادثات، مستنداً إلى رمزية الحياد الديني. وفي إسطنبول أيضاً تجتمع مقومات عملية، حيث سبق أن استضافت تركيا جولات حوار سابقة بفضل دورها كوسيط يحافظ على مسافة من الطرفين رغم انتمائها للناتو.
لكن المسألة تتجاوز المكان إلى الترتيبات الأمنية. فزيلينسكي نجا من عدة محاولات اغتيال، فيما يواجه بوتين مذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب. ورغم ضمان الحصانة الدبلوماسية في حال مشاركته، يبقى مسار سفره وتفادي خطر الاعتقال عنصراً حاسماً في قرار الكرملين.
لذلك، وبالنظر إلى حساسية الاصطفافات الأوروبية، يُرجح أن يُعقد أي لقاء جاد خارج قلب الاتحاد الأوروبي، في عاصمة مثل إسطنبول أو حتى الدوحة، التي تطرح نفسها منذ فترة كوسيط محتمل في النزاعات الدولية.
فيينا، النمسا بالعربي.