
تعيش آلاف العائلات السورية في النمسا حالة من الترقب والقلق بعد أن توقّفت إجراءات لمّ الشمل بشكل شبه تام منذ بداية العام 2025، حيث تشير البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الداخلية النمساوية إلى أنه في شهر يناير فقط، تمّت الموافقة على 14 حالة لمّ شمل فقط من أصل أكثر من 3,600 طلب لا يزال قيد الانتظار.
وكانت الأعداد أكبر بكثير في السابق، ففي سبتمبر 2024، تم منح 400 موافقة لمّ شمل للسوريين، أي أكثر من 28 مرة العدد الحالي. إلا أن التحول الجذري في السياسة النمساوية تجاه هذه الطلبات جاء في أعقاب سقوط نظام بشار الأسد في دمشق، وهو ما دفع السلطات النمساوية إلى تعليق البت في أغلب الطلبات، باستثناء الحالات التي تتوافر فيها دوافع إنسانية صارخة.
وزارة الداخلية أكدت أن التشديدات بدأت حتى قبل التغيير السياسي في سوريا، حيث تم تعزيز المتطلبات الفنية مثل اختبارات الحمض النووي DNA لإثبات صلة القرابة، والتي أسفرت في الفترة بين يوليو 2024 ويناير 2025 عن 45 حالة تمت فيها استعادة تكاليف الاختبار، بمجموع مالي بلغ 71,547.56 يورو، بعد إثبات العلاقة الأسرية بنجاح.

ومع نهاية شهر يناير، تشير الإحصائيات الرسمية إلى وجود 4,624 طلب دخول قيد المعالجة، منها 3,607 تخص مواطنين سوريين، لم يتلق أصحابها لا موافقة ولا رفضاً، بينما ارتفعت بشكل حاد حالات الرفض: من 40 حالة فقط في سبتمبر إلى 1,865 حالة مرفوضة في يناير، بينها 1,836 حالة لسوريين فقط.
وتُظهر هذه الأرقام مدى التحوّل في تعاطي الحكومة النمساوية مع ملف اللاجئين السوريين، بعد أن كانوا يشكلون أكبر شريحة من اللاجئين في البلاد لسنوات عديدة. أما الآن، فقد أصبحت الجنسية الأكثر حصولًا على الموافقات في يناير هي الأفغانية، مع 31 حالة فقط.
وفي الوقت الذي يحتفل فيه أكثر من 30,000 سوري في العاصمة فيينا بسقوط النظام السوري، يشير مراقبون إلى أن هذا الحدث، الذي يعتبر مفصليًا في التاريخ السوري الحديث، لا يُترجم تلقائيًا إلى تخفيف في الإجراءات أو تسريع في معاملات اللاجئين، بل على العكس، جاء ليعقّد مصير آلاف الأسر التي تنتظر جمع شملها تحت سقف واحد.
ولا توجد حتى الآن مؤشرات رسمية من الوزارة حول موعد محتمل لاستئناف النظر الطبيعي في الطلبات السورية، فيما تستمر الدعوات الحقوقية بتذكير الحكومة النمساوية بالتزاماتها الإنسانية والقانونية، خصوصًا في ظل أوضاع ما بعد الحرب التي لا تزال غير مستقرة.
النمسا بالعربي.