
أحدث الحكم الصادر ضد الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي صدمة في الأوساط السياسية والقضائية، بعدما قضت محكمة في باريس بسجنه خمس سنوات مع التنفيذ الفوري بتهمة التآمر في تمويل حملته الانتخابية بشكل غير قانوني عبر أموال من ليبيا. ورغم تقديمه استئنافًا، سيتعين على ساركوزي، البالغ 70 عامًا، دخول السجن مباشرة، وهو ما يميّزه عن كثير من السياسيين الفرنسيين الذين انتظروا محاكماتهم وهم أحرار.
الاتحاد الوطني للقضاة (USM) اعتبر الحكم “خطًا فاصلاً” يؤكد أن لا أحد فوق القانون، فيما حذّر رئيسه لودوفيك فريات من محاولات السياسيين تحويل المحاكمات إلى جدل سياسي لصرف الأنظار عن الجرائم الفعلية. من جانب آخر، هاجم ساركوزي القضاء مجددًا مؤكدًا براءته، وقال: “إذا أرادوا أن أنام في السجن فسأنام مرفوع الرأس”.
القضية جاءت في توقيت حساس، قبل أشهر من جلسة استئناف مارين لوبان، زعيمة حزب التجمع الوطني (RN)، التي حُكم عليها في مارس بالحرمان خمس سنوات من المناصب العامة بتهمة اختلاس أموال من البرلمان الأوروبي. وبما أن الحكم ضدها نافذ فورًا، فهي ممنوعة حاليًا من الترشح للانتخابات الرئاسية 2027، إلا إذا نجحت في الاستئناف المقرر في يناير. لوبان وصفت تزايد قرارات التنفيذ الفوري بأنه “خطر كبير”، معتبرة أن القضاء يُستخدم كأداة سياسية.
الجدل تجاوز الحدود الفرنسية، إذ دخل الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الخط واعتبر لوبان ضحية لـ “Lawfare”، أي الاستخدام السياسي المفرط للأدوات القانونية، وأرسل وفدًا دبلوماسيًا لدعمها. في المقابل، يوضح قانونيون أن ملفها يختلف عن قضية ساركوزي، ولا يمكن الجزم بأن مصيريهما سيكونان متشابهين.
السياسة الفرنسية انقسمت بشدة: اليسار رحّب بالحكم ضد ساركوزي باعتباره خطوة نحو الشفافية، فيما أعرب المحافظون عن قلقهم من الإفراط في تطبيق العقوبة الفورية. رئيس الوزراء سيباستيان لوكورنو أكد أن البرلمان هو المخوّل بحث مصير هذه القاعدة القانونية، في وقت تتزايد فيه الدعوات لإلغائها أو تعديلها.
وبينما ينتظر ساركوزي بدء تنفيذ عقوبته، تبقى الأنظار شاخصة نحو لوبان، إذ إن قرار محكمتها في يناير قد يحدد مصير ترشحها للرئاسة وربما يعيد رسم المشهد السياسي الفرنسي قبل انتخابات 2027.
فيينا، النمسا بالعربي.