
أظهر الحفل الأكاديمي لهذا العام، الذي نظمته جمعيات الطلاب القومية وحزب الحرية النمساوي في قصر هوفبورغ في فيينا، مرة أخرى أن العلاقة بين النخبة اليمينية المتطرفة وحركة الهوية اليمينية المتطرفة وثيقة للغاية، حيث يحتفلون معًا. هذه العلاقة لها تأثيرات على المشهد اليميني المتطرف في النمسا.
وحضر الحفل العديد من الشخصيات البارزة، من بينهم رئيس المجلس الوطني والتر روزنكارنز، والأمين العام كريستيان هافينيكر، والناطق باسم العدل هارالد شتيفان، والسياسية السابقة أورسولا شتينزل. كما حضرت قيادة حركة الهوية، وهي مجموعة خضعت لمراقبة جهاز حماية الدستور منذ ما يقرب من ثلاثة عشر عامًا، كما أن رموزها محظورة في النمسا.
من بين أعضاء الحركة الذين شاركوا في الحفل، برز مارتن زلنر وزوجته بريتاني، بالإضافة إلى الطالب يانيك فاغيمان، الذي يعتبر حاليًا الرجل الثاني في الجماعة اليمينية المتطرفة. كان فاغيمان برفقة ابن الناشر الألماني والناشط اليميني المتطرف غوتس كوبيتشيك، الذي أصبح معروفًا في نوفمبر 2023 بعد أن أسقط شخصًا يمينيًا متطرفًا على الأرض بزجاجة خلال مظاهرة أمام جامعة فيينا، ظنًا منه أنه مناهض للفاشية. وقد حكم عليه قبل أيام قليلة بالسجن ثمانية أشهر مع وقف التنفيذ بتهمة الاعتداء الجسدي الخطير.
وانتشر على وسائل التواصل الاجتماعي صورة لفاغيمان مع زعيم حزب الحرية النمساوي هربرت كيكل، أثناء الاحتفال بيوم فوز الحزب في الانتخابات البرلمانية العام الماضي. عززت هذه الصورة مكانته داخل الحركة ويمكن اعتبارها إشارة من كيكل.
إلى جانب أعضاء حركة الهوية، حضر الحفل ممثلون عن وسائل إعلام مؤيدة لحزب الحرية، بالإضافة إلى ناشطين يعارضون إجراءات الحد من جائحة كورونا منذ سنوات وينظمون المظاهرات. أظهر بعض أعضاء الجمعيات الطلابية إشارة يدوية تُستخدم في الأوساط اليمينية المتطرفة للتعبير عن فكرة “القوة البيضاء”.
كان الصحفيون يواجهون صعوبات في تغطية الحفل أمام قصر هوفبورغ. بناءً على طلب المنظمين، لم يُسمح للصحفيين المعتمدين بالحركة بحرية في ساحة هيلدنبلاتز، حيث فرضت الشرطة قيودًا على وسائل الإعلام، مما أجبر الصحفيين على البقاء في منطقة مسيجة أمام مدخل القصر. عند الاستفسار عن الأساس القانوني لهذا الإجراء، أشارت الشرطة إلى المنظمين والخطة التي تم إعدادها معهم.
كما أن المدخل كان محاطًا بحواجز قماشية تمنع التصوير والتقاط الصور وطرح الأسئلة. في اليوم السابق، أثارت الشرطة الجدل عندما تدخلت ضد احتجاج نظمه اتحاد الطلاب اليهود في النمسا، حيث عرضوا تثبيتًا بصريًا يعبر عن رفضهم للحفل من خلال عرض عدّ تنازلي “حتى حفل النازيين”. بعد يومين من السماح بهذا الاحتجاج، تدخلت الشرطة في اليوم الثالث وأوقفته بتهمة “التحريض”.
قامت الشرطة بتسجيل هويات جميع المشاركين في المظاهرة، متهمة إياهم بالمشاركة في “التحريض”. انتقد المحامي بيني غوتسمان، الممثل القانوني لاتحاد الطلاب اليهود، تصرفات السلطات، قائلاً: “ما تم اعتباره هنا تحريضًا هو في الواقع مجرد نقد سياسي مشروع”.

وظهرت العلاقة بين حزب الحرية وحركة الهوية أيضًا قبل أيام قليلة من الحفل، ففي 21 فبراير، نظمت الحركة مظاهرة في فيينا بقيادة زلنر وفاغيمان ونجل كوبيتشيك. حاولت الحركة استغلال الهجوم الإرهابي الإسلامي في فيلاخ، الذي أسفر عن مقتل فتى يبلغ من العمر 14 عامًا، لخدمة أيديولوجيتها العنصرية وجمع التبرعات.
حضر المظاهرة ما بين 200 إلى 300 شخص، من بينهم على الأقل موظف برلماني من حزب الحرية، والعديد من الشباب المنتمين إلى جماعات يمينية متطرفة معروفة بالعنف مثل “كتيبة الرقص”، و”فرقة فيينا”، و”ديفند أوستريا”، الذين ارتدى بعضهم سترات الطيارين وأحذية القتال، على غرار النازيين الجدد في الثمانينيات والتسعينيات.
ويمثل هؤلاء الشباب المتطرفون فجوة نشأت نتيجة تقارب حزب الحرية مع حركة الهوية. من يبحث عن “الإثارة” يجدها هناك. في الوقت نفسه، أصبحت حركة الهوية أكثر ميلًا لحضور فعاليات حزب الحرية بدلاً من التواجد في الشوارع أو الانخراط في أعمال عنف. كما أن الحركة باتت تتخذ طابعًا قانونيًا ونخبويًا، رافضةً الارتباط بأشخاص ليس لديهم شهادة الثانوية العامة.
في الأشهر الأخيرة، وجد هؤلاء الشباب النازيون الجدد صلةً بالأجيال الأكبر سنًا من النازيين الجدد، بما في ذلك شخصيات بارزة في المشهد اليميني المتطرف، بعضها نشط منذ عقود. أدى هذا المزج بين النازيين الجدد الشباب والمخضرمين إلى موجة من العنف اليميني المتطرف في فيينا، حيث يتعرض المارة لهجمات، وتحدث أعمال تخريب متزايدة، في محاولة من الشباب لإثبات أنفسهم أمام الجيل الأكبر سنًا.
في نوفمبر 2024، تصدرت حادثة اعتداء على رجل يهودي في الحي الثاني بفيينا العناوين الرئيسية. كما ظهر النازيون الجدد الشباب بشكل متزايد في كارنتن، وأوبرأوستريا، وشتايرمارك.
غوتفريد كوسل، الذي يُعتبر شخصية محورية في المشهد النازي الجديد، أصبح نشطًا في ألمانيا بشكل متزايد، حيث يشارك في الكتابة لصالح مجلة “الاشتراكية الوطنية اليوم”، التي تعد بمثابة المنصة القانونية الرئيسية للمشهد النازي الجديد الناطق بالألمانية. في عام 2019، أجرى كوسل مقابلة مع المجلة أثارت جدلاً، حيث أشار إلى أن نائب المستشار آنذاك هاينز كريستيان شتراخه كان نشطًا في أوساط النازيين الجدد خلال شبابه، قائلاً: “كانت هناك بعض اللحظات الطريفة، لكنني لن أتحدث عنها الآن، ربما نحتاج إليها لاحقًا”.
مترجم عن مقالة لـ در ستاندرد النمساوية.