
أثارت قصة زوجين من سوريا لديهما سبعة أطفال ولا يعملان، لكنهما يحصلان على 4600 يورو صافي شهريًا من الحد الأدنى للمعيشة والمساعدات السكنية، جدلًا حادًا في النمسا حيث ووصفت أحزاب ÖVP و FPÖ نظام المعونات الاجتماعية “يوفر حياة مريحة ويجذب المهاجرين الاقتصاديين”، ومن المتوقع أن يحتدم هذا الجدل مع اقتراب موعد الانتخابات في 27 أبريل.
تستضيف فيينا، التي تحكمها أحزاب SPÖ و Neos حوالي 22% من سكان النمسا، لكنها تضم 72% من مستفيدي المساعدات الاجتماعية، على الرغم من أن الإنفاق على هذه المساعدات يمثل حوالي 0.7% فقط من إجمالي النفقات الاجتماعية في البلاد، فإن فيينا تخصص لهذا النظام حوالي مليار يورو، ما يعادل أكثر من 5% من ميزانية المدينة.
مدة الاستفادة من الحد الأدنى للمعيشة في فيينا مرتفعة مقارنة بباقي الولايات، حوالي نصف المستفيدين القادرين على العمل لكنهم لا يعملون حصلوا على الدعم لمدة عشرين شهرًا أو أكثر خلال العامين الماضيين، في جميع الولايات النمساوية، توجد آليات لمنع إساءة الاستخدام، حيث يجب على المستفيدين التسجيل في خدمة التوظيف (AMS) وقبول فرص العمل المتاحة، كما يتم تقليص المساعدات تدريجيًا لمن يرفضون العمل، وقد تأثر 1377 شخصًا بهذه العقوبات في فيينا خلال عام 2023.
هناك صعوبات في تنفيذ هذه الإجراءات بشكل كامل، بعض الأشخاص يحصلون على إجازات مرضية من أطباء متعاونين، بينما يتعمد آخرون التصرف بطريقة غير مناسبة خلال مقابلات العمل لتجنب التوظيف دون أن يكون ذلك واضحًا كتصرف مقصود، بالإضافة إلى ذلك، فإن العقوبات غير المشروطة قد تؤثر على الأطفال إذا كانت تطبق على الأسر بالكامل.
وفقًا لرئيس مكتب العمل في فيينا، فإن مثل هذه الحالات ليست ظاهرة واسعة الانتشار، لكنها آخذة في الازدياد، السبب في ذلك يعود إلى أن العديد من الأشخاص ذوي المؤهلات المنخفضة لا يستطيعون كسب أكثر مما يحصلون عليه من المساعدات الاجتماعية، خاصة أن بعض الوظائف منخفضة الأجر تفتقر إلى الحافز المعنوي.
العائلات تحسب الفوائد بعناية، خاصة أن الأطفال يحصلون على دعم إضافي. فيينا تقدم 326 يورو شهريًا لكل طفل، بينما في ولايات أخرى يتم تقليل هذا المبلغ تدريجيًا مع زيادة عدد الأطفال. يحصل البالغون الذين يعيشون بمفردهم أو كوالدين وحيدين على 1209 يورو شهريًا، بينما يحصل الأزواج على 846 يورو لكل فرد.
لا يمكن لأحد أن يحصل على دعم مالي أعلى من دخل العمل، حيث يمكن لمن يكسب أقل من الحد الأدنى للمعيشة طلب تعويض الفرق. ومع ذلك، فإن من لديهم مدخرات يواجهون مشكلة، إذ يجب إنفاق المدخرات أولًا قبل الحصول على المساعدات، حتى يصل الرصيد إلى حد 6935 يورو للفرد، هذا الشرط قد يؤدي في بعض الحالات إلى حصول العاملين على دخل أقل من مستفيدي المساعدات.
البطالة في فيينا مرتفعة، حيث تبلغ 12.8% مقارنة بالمعدل الوطني البالغ 8.2%. السبب يعود إلى التحول الهيكلي في الاقتصاد، حيث أصبحت المدينة مركزًا للوظائف عالية المهارة، بينما تقلصت فرص العمل للعمال ذوي المؤهلات المنخفضة، الفئات الأكثر تأثرًا بهذا الوضع هم اللاجئون، إذ يواجهون صعوبات في اللغة والتعليم والتأهيل المهني.
حوالي 44% من مستفيدي الحد الأدنى للمعيشة في فيينا هم لاجئون معترف بهم أو حاصلون على الحماية المؤقتة، المساعدات المقدمة لهم قد تكون مرتفعة مقارنة بمستوى الدخل في بلدانهم الأصلية، لكن من الصعب قياس مدى تأثير ذلك على رغبتهم في العمل. رغم ذلك، فإن معدل التوظيف في فيينا شهد نموًا في العامين الماضيين، ما يشير إلى أن المساعدات الاجتماعية ليست العامل الرئيسي في البطالة.

كما أن النسبة الكبيرة من اللاجئين في فيينا تعود جزئيًا إلى أن المدينة تقدم مزايا اجتماعية أفضل مقارنة بالولايات الأخرى، وهو أمر تعترف به حتى الحكومة المحلية، الدراسات تظهر أن اللاجئين ينتقلون إلى فيينا بسبب الدعم المالي، إضافة إلى توفر السكن ودورات اللغة وشبكات الدعم الاجتماعي، ومع ذلك، فإن الدراسات الدولية تقدم نتائج متباينة بشأن ما إذا كانت المساعدات الاجتماعية تشجع على الهجرة من خارج البلاد.
بعض الإحصائيات تشير إلى أن عدداً كبيراً من اللاجئين الذين وصلوا إلى النمسا لم يبقوا فيها، بل انتقلوا إلى دول أخرى، مثل ألمانيا، رغم أن المساعدات هناك أقل. هذا يشير إلى أن العوامل الأخرى، مثل سياسات الهجرة والفرص الاقتصادية، تلعب دورًا أكبر في قراراتهم.
وكانت الحكومة النمساوية السابقة، التي كانت تضم تحالفًا من FPÖ و ÖVP، قد خصصت لتخفيضات كبيرة في المساعدات الاجتماعية، خاصة للاجئين، حتى أن مشاورات الائلات الحكومي الذي جمع أحزاب SPÖ و ÖVP و Neos، ناقش وضع حد أعلى للمساعدات المقدمة للاجئين العاملين، كان المقترح يتضمن تقديم بدل اندماج بقيمة 950 يورو شهريًا بدلًا من 600 يورو المقترحة من الحكومة السابقة، كما تم اقتراح تقديم دعم للأطفال على شكل مساعدات عينية بدلًا من النقدية.
ولكن وحتى الآن، لم تقم حكومة فيينا باتخاذ أي خطوات في إعادة هيكلة نظام المعونات الاجتماعية لديها، حيث أكد المسؤولون أن الهدف الأساسي من الحد الأدنى للمعيشة هو ضمان عدم وقوع أي شخص في المدينة في براثن الفقر.
النمسا بالعربي.