يحاول أطفال لاجئون في منطقة تيرول النمسوية، أن ينسوا الأهوال التي عاشوها من الحروب في بلدانهم إلى رحلات الهجرة المحفوفة بالمخاطر، مع الأصدقاء الجدد: الخيول.
في مزرعة في بلدة تيرفنس في مرتفعات انسبروك غرب النمسا، يراقب الأطفال المشهد الخلاب للخليج الذي يطلون عليه، وهم يبتسمون من دون أن ينطقوا بكلمة. وهذا تحديداً هو هدف العلاج.
وتقول كلوديا بالديو التي أطلقت المشروع عام 2009، أن الفكرة تقوم أساساً على الإحساس العالي وعلى الشعور بما تبثه الخيول من إشارات، «وهذا أمر جيد جداً للتركيز ولتجاوز المخاوف».
تشرف على هذا المشروع منظمة «أنكيرا» غير الحكومية التي تديرها الكنيسة البروتستانتية، وهي تقدم منذ 12 سنة مساعدات نفسية للمهاجرين، صغاراً وكباراً، وحققت طريقة العلاج بالخيول نتائج مبهرة، بحسب ما تقول كلوديا وهي طبيبة نفسية. وتضيف: «الأهل يلاحظون باستمرار أن أطفالهم سرعان ما يستعيدون هدوءهم وقدرتهم على التركيز. حتى بعد مرور عام، يظل الأطفال قادرين على تذكر أسماء الخيول التي نسجوا معها صداقات حميمة».
يمتطي حسين صهوة جواد ويجول به في المزرعة ويقول: «جدي كان لديه حمار، والحصان نوع آخر من الحمير»!
يستفيد من برنامج العلاج بالخيول عشرة أطفال يجري اختيارهم من بين عدد كبير من الصغار الآخرين الذين يتلقون المساعدة النفسية في المؤسسة، بحسب معايير محددة مثل الحال النفسية وإمكان استجابتهم لهذا النوع من العلاج.
وبحسب دراسة أعدها الاتحاد الألماني للمعالجين النفسيين، يعاني نصف المهاجرين الذين وصلوا إلى أوروبا من ضعف نفسي ولا يتلقون المساعدة اللازمة.
وتقول بالاديو: «في تيرفنس، يروي لنا الأهل عادة أن أطفالهم عاشوا في مناطق حروب، وأنهم رأوا قتلى وجرحى، وفقدوا أفراداً من عائلاتهم».
من جهة أخرى، تنتقل معاناة الأهل إلى الأطفال، لا سيما حين يكون الأهل ضحايا لصدمات مثل التعرض للتعذيب مثلاً.
وتضرب بالاديو مثالاً على ذلك فتاة في مجموعة العلاج بالخيول حاولت أمها أن تنتحر، وغالباً ما تغرق هذه الفتاة في نوبات من البكاء.
يدرك القيمون على المشروع أنه لا يغطي سوى نقطة في بحر الحاجات المطلوب تأمينها للاجئين الآتين إلى أوروبا بمئات الآلاف.
ويقول الاتحاد الألماني للمعالجين النفسيين: «المهاجرون لا يحتاجون إلى المأوى والطعام فقط بل إلى العناية، المصابون من بينهم باضطرابات نفسية لا يتلقون أي علاج».
في الحالات الأكثر حدة، يصاب المهاجر باضطرابات نفسية يمكنها أن تدفعه إلى ارتكاب أعمال عنفية، مثل تلك التي ضربت ألمانيا في تموز (يوليو) الماضي.
ويمكن معالجة القلق لدى الكبار من خلال بعض الإجراءات البسيطة، مثل تحسين ظروف الحياة.
وتقول بالاديو: «أحياناً، يكون مفيداً أكثر العثور على عمل ومنزل، بدل الإقامة ثلاث سنوات في مركز رعاية للاجئين تحت إشراف معالج نفسي يزعم أنه يسمع ما يقوله النزلاء».