
في الثالث من يوليو ظهر وزير الداخلية غيرهارد كارلنر (ÖVP) أمام الصحافة في مطار فيينا شفيخات، ليعلن عن ترحيل رجل سوري يبلغ من العمر 32 عامًا إلى دمشق، واصفًا ذلك بأنه إنجاز لسياسة “اللجوء الصارمة والعادلة”. لكن منذ توقف المُرحّل في إسطنبول، حيث كانت محطة عبوره الأولى بعد مغادرته النمسا، انقطعت كل أخباره. عائلته لم تتلقَ أي اتصال منه، وجميع محاولات النشطاء والصحفيين في النمسا وسوريا لتحديد مكان وجوده باءت بالفشل.
وجاء في رواية الشرطة أن الرجل، الذي كان قد أمضى سبع سنوات في سجون النمسا بعد إدانته بنشر دعاية لتنظيم الدولة الإسلامية، غادر البلاد على متن رحلة تجارية، ثم اختفت آثاره بعد تواصله الأخير مع شقيقته المقيمة في تركيا. وتشير معلومات غير مؤكدة إلى أنه سُلّم إلى الأجهزة الأمنية السورية فور وصوله إلى دمشق، بينما تحدثت مصادر أخرى عن احتمال تسليمه مباشرة في إسطنبول، دون عبور فعلي إلى الأراضي السورية.
أما وزارة الداخلية فقد رفضت التعليق على ما سمتها “تفاصيل تشغيلية” تتعلق بعمليات الترحيل، واكتفت بالقول إن المُرحّل “تم تسليمه إلى السلطات المختصة”، دون توضيح الجهة المقصودة.

وتُثير هذه القضية مخاوف قانونية تتعلق بمبدأ “عدم الإعادة القسرية” (Non-Refoulement)، الذي يُلزم الدول بعدم ترحيل أي شخص إلى بلد قد “يتعرض فيه لخطر التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية، حتى لو كان مدانًا بجرائم”. وأشارت هيئة استشارات اللاجئين والمنشقين في فيينا إلى أن طلب لجوء جديد للرجل لا يزال مفتوحًا، ما يجعل عملية ترحيله محل تشكيك قانوني.
وقد تقدمت الهيئة الأسبوع الماضي بطلب رسمي إلى وزارتي الداخلية والخارجية للاستفسار عن مصيره، مؤكدة أن المسؤولية القانونية للنمسا لا تنتهي عند تنفيذ الترحيل. وحذرت من أن الرجل، بعد أن أنهى عقوبته داخل الأراضي النمساوية، قد يواجه الآن خطر “العقوبة المزدوجة” دون محاكمة عادلة في بلاده.
أما وزارة الخارجية فقد أعلنت أنها “غير معنية” بمسألة الترحيل، مُحيلة المسؤولية الكاملة إلى وزارة الداخلية. وردًا على ذلك، شدد وزير الداخلية كارلنر مجددًا على قانونية العملية، مؤكدًا أن المحاكم والإدارات المختصة “تصرّفت بشكل سليم”، ومشيرًا إلى أن بلاده ستواصل تنفيذ الترحيل تجاه سوريا، وإن “دون ترحيلات جماعية”، لكنه أكد أن “مرتكبي الجرائم والأشخاص الخطرين يجب ترحيلهم بشكل حازم”.
أما الداخل الأوروبي فقد وجّهت وزيرة الداخلية البلجيكية آنلين فان بوسويت، المنتمية إلى التيار القومي الفلمنكي، موقفًا مشابهًا، إذ صرحت بأن “لا مكان للمجرمين غير الشرعيين في مجتمعاتنا”، لكنها أكدت أن قضية ترحيل السوريين يجب أن تُناقش على مستوى الاتحاد الأوروبي.
فيينا، النمسا بالعربي.