
لا تزال مدينة غراتس والنمسا بأكملها تحت وقع الصدمة غداة المجزرة التي ارتكبها الشاب “آرتور أ.” البالغ من العمر 21 عامًا، عندما اقتحم صباح الثلاثاء مدرسته السابقة BORG Dreierschützengasse، وقتل عشرة أشخاص بينهم تسعة طلاب ومعلمة، قبل أن ينهي حياته بإطلاق النار على نفسه في مرحاض المدرسة.
وفي تطور خطير، أعلنت الشرطة صباح الأربعاء أنها عثرت على قنبلة أنبوبية داخل شقة المنفذ أثناء تفتيش دقيق للمكان، لكنها كانت غير قابلة للتفجير. كما تأكد أن آرتور أرسل فيديو وداع إلى والدته قبل تنفيذ الجريمة، تحدث فيه عن تعرضه للتنمّر.
أمام المدرسة، تحوّل المكان إلى موقع حداد شعبي، حيث امتلأ الرصيف بالورود والشموع، وتجمّع الأهالي والطلاب باللون الأسود، وسط حضور وحدات الدعم النفسي في قاعة “هيلموت ليست” التي خصصتها السلطات لتقديم المساندة.
ترافق هذه الأجواء المأساوية ثلاثة أيام من الحداد الوطني أعلنتها الحكومة النمساوية، وتم إلغاء كافة الفعاليات في ولاية شتايرمارك، بينما خصصت بعض المهرجانات الكبرى، مثل “نوفا روك”، دقيقة صمت تكريماً للضحايا. حتى هيئة القطارات في فيينا عرضت رسائل تضامن على شاشاتها الرقمية.
وأكدت الشرطة مجددًا أن المنفذ تصرّف بمفرده، وأنه لم يكن لديه سوابق جنائية، مشيرة إلى أنه استخدم مسدسًا وبندقية صيد خلال الهجوم، وكان قد اشترى إحدى القطعتين قبل أيام فقط من تنفيذ الجريمة.
أما الضحايا، فتتراوح أعمارهم بين 15 و17 عامًا، إضافة إلى معلمة تبلغ من العمر 47 عامًا. ولا يزال 12 شخصًا مصابين، بعضهم في حالة حرجة، أحدهم أصيب برصاصة في الرأس.

وتأتي هذه المجزرة قبل أيام فقط من الذكرى العاشرة لهجوم دهس مشابه وقع في غراتس عام 2015 وأسفر حينها عن مقتل ثلاثة أشخاص، ما يضيف بعدًا نفسيًا عميقًا للأثر الذي تركته هذه الحادثة في الوعي الجماعي للمدينة.
وبينما طلبت الشرطة من المواطنين الامتناع عن نشر صور أو تكهنات حول الجريمة أو الجاني، حذر وزير الداخلية من أن يوم الثلاثاء شهد بالفعل عدة تهديدات تقليدية ضد مدارس أخرى في غراتس، يجري التعامل معها بصرامة عبر فرق التدخل السريع.
في خضم هذه المشاهد المأساوية، تتوحد مشاعر المجتمع النمساوي، حكومة وشعبًا، في الحزن والتضامن، وتتعالى الأصوات الداعية لإعادة النظر بعمق في قضايا الصحة النفسية، والعنف، والتنمر في الوسط المدرسي.
فيينا، النمسا بالعربي.