
في خطوة تُعد من أبرز التغييرات على سياسات الاندماج في النمسا خلال السنوات الأخيرة، أعلنت وزيرة الاندماج عن خطة حكومية جديدة تقضي بفرض عقوبات مالية على الأشخاص الذين لا يلتزمون فعليًا بتعلم اللغة الألمانية. واعتبارًا من عام 2026، لن يُعتَبر مجرد التسجيل في دورات اللغة كافيًا، بل سيكون على المشاركين إثبات الحضور والالتزام الجاد، وإلا فإنهم سيواجهون خفضًا تلقائيًا في المساعدات الاجتماعية التي يحصلون عليها.
الوزيرة كلاوديا بلاكولم أكدت في مؤتمر صحفي أن من “يعيش في النمسا، عليه أن يصبح جزءًا منها”، مشيرة إلى أن الحكومة تسعى لإنهاء ما وصفته بـ”ثقافة المشاركة الشكلية”. وقالت إن التغييرات الجديدة ستستند إلى ما تم تطبيقه فعليًا في ولايتي النمسا العليا والسفلى، حيث أظهرت التجارب أن السياسات الصارمة أدت إلى نتائج ملموسة في تحفيز الالتزام ومشاركة فعالة في الحياة المجتمعية.

ولن تقتصر التغييرات على آلية المتابعة، بل تشمل أيضًا إعادة هيكلة تمويل برامج الاندماج، حيث سيتم تقليص دعم المشاريع التي لا تُظهر أثرًا واضحًا أو نتائج قابلة للقياس. وقد أثار هذا التوجه ردود فعل متباينة؛ ففي حين رحبت به بعض التيارات المحافظة باعتباره خطوة نحو تعزيز الهوية الوطنية وتحفيز الاندماج الحقيقي، اعتبرت جهات أخرى أن الخطر يكمن في تحميل الفئات الأضعف مزيدًا من الأعباء، خاصة في ظل غلاء المعيشة وخفض الدعم العام في مجالات متعددة.
الخطوة الحكومية الجديدة تأتي في سياق سياسة تقشف شاملة تتبناها الحكومة لمواجهة العجز في الميزانية، وتشير إلى تحوّل في فلسفة التعامل مع ملف الهجرة، من نهج قائم على الدعم العام إلى مقاربة مشروطة بالواجبات والنتائج. وبينما تستعد الحكومة لعرض الخطة في جلسة قادمة لمجلس الوزراء، تُطرح تساؤلات كثيرة حول مدى قدرة النظام الإداري على مراقبة الالتزام بشكل عادل، وتفادي الوقوع في تعميمات قد تُفاقم التهميش بدل تجاوزه.