أخبار النمسا

تقرير دولي: ضعف في القراءة بين البالغين في النمسا وارتفاع معدلات الرسوب بين الأطفال

الدراسة تكشف عن فجوات تعليمية متوارثة، فيما تراهن الحكومة على فرص متساوية عبر مكافآت للمدارس وتوسيع التعليم المبكر

أظهر تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) “Education at a Glance” أن النظام التعليمي في النمسا يواجه تحديات كبيرة، أبرزها ضعف مهارات القراءة لدى البالغين وارتفاع نسبة الأطفال الذين يتأخرون عن المستوى العمري في الصفوف الدراسية. الدراسة التي تقارن المؤشرات التعليمية في 38 دولة عضو أظهرت أن نسبة التلاميذ النمساويين الأكبر عمرًا من زملائهم مرتفعة بشكل ملحوظ مقارنة بالمتوسط الأوروبي والدولي. ففي المرحلة الابتدائية بلغت هذه النسبة 5,8 في المئة، أي أكثر من ضعف متوسط الاتحاد الأوروبي البالغ 2,2 في المئة، فيما وصلت في المرحلة الثانوية الدنيا إلى 9,1 في المئة مقابل 3,8 في المئة أوروبيًا و4,0 في المئة داخل أعضاء المنظمة.

الأسباب تعود إلى عدة عوامل: رسوب التلاميذ وإعادتهم الصفوف، انتقال بعضهم عبر التعليم التحضيري أو الاندماج في صفوف أدنى من أعمارهم، إضافة إلى فئة “التلاميذ الاستثنائيين” الذين يفتقرون إلى المهارات اللغوية الكافية لمتابعة المناهج ويُدمجون في حصص خاصة لتعليم اللغة. ووفق بيانات “إحصاء النمسا”، بلغ عدد هؤلاء في العام الدراسي 2023/2024 نحو 39.700 طفل في المرحلة الابتدائية، أي ما يعادل 10,7 في المئة من مجموع التلاميذ في هذه المرحلة. إجمالًا كان أكثر من 52.600 تلميذ وتلميذة على مستوى البلاد – أي 4,6 في المئة من مليون و200 ألف – يحملون هذا الوضع.

أندرياس شلايخر، مدير قطاع التعليم في المنظمة، أوضح أن “إبقاء الأطفال في الصفوف لا يغيّر أداءهم كثيرًا، بل إنه مكلف ووصمة اجتماعية”، مشددًا على أن الحل يكمن في التشخيص المبكر لمشاكل التعلم وتوفير الدعم الفردي بدل الاعتماد على الرسوب. وأضاف أن أغلب الدول الأعضاء في المنظمة لم تعد تعتمد هذا النظام، وأن التجربة أثبتت أن اكتساب اللغة يتم بفعالية أكبر عبر الاندماج المباشر في الصفوف لا من خلال العزل.

على مستوى البالغين، أظهرت الدراسة أن 31 في المئة من الفئة العمرية بين 25 و64 عامًا في النمسا لا تتعدى قدرتهم على القراءة المستوى الأول أو أدنى، أي أنهم يستطيعون التعامل فقط مع نصوص قصيرة وبسيطة. هذه النسبة تفوق المتوسط المسجل في المنظمة البالغ 27,1 في المئة. كما بينت الأرقام أن ضعف المهارات يرتبط مباشرة بتراجع فرص التعليم المستمر، ما يعزز الفوارق الاجتماعية. وزيرة العلوم إيفا-ماريا هولتسلايتنر (SPÖ) اعتبرت أن “الأرقام تتحدث بوضوح”، مؤكدة وجود حاجة ماسة لتعزيز برامج تعليم الكبار التي جرى تخصيص موارد لها في الميزانية المزدوجة الأخيرة.

APA/HELMUT FOHRINGER إيفا ماريا هولتزلايتنر، وزيرة المعارف النمساوية

الفجوة التعليمية تبدو واضحة أيضًا عند النظر إلى الخلفية الاجتماعية، إذ أن 16 في المئة فقط من الشباب بين 25 و34 عامًا ينجحون في الوصول إلى التعليم الجامعي إذا لم يكن لأحد الوالدين شهادة عليا، في حين ترتفع النسبة إلى 63 في المئة عند وجود والد واحد على الأقل من حملة الشهادات الجامعية. الوزيرة أشارت إلى أن احتمال نيل شهادة جامعية يرتفع أربع مرات إذا كان أحد الوالدين قد أنهى تعليمًا عاليًا، مؤكدة أن استراتيجية التعليم العالي 2040 تهدف إلى معالجة هذه الفوارق، من خلال دعم مالي أكثر دقة للطلاب الذين يضطرون للعمل بكثافة إلى جانب دراستهم.

وزير التعليم كريستوف فيدركير (Neos) رأى في نتائج التقرير “تفويضًا سياسيًا واضحًا”، معلنًا أن الحكومة ستعتمد “مكافأة الفرص” التي وُضعت في البرنامج الحكومي بمبلغ سنوي قدره 65 مليون يورو اعتبارًا من 2026. هذه المكافأة ستخصص لـ 400 مدرسة ذات ظروف صعبة وفق معايير اجتماعية واقتصادية وحجم المدرسة ونوعها، على أن يُمنح الإدارات حرية استخدام الأموال لتوظيف كادر إضافي أو توفير دروس دعم.

ورغم أن الإنفاق التعليمي في النمسا يساوي تقريبًا المتوسط الأوروبي بنسبة 5,4 في المئة من الناتج المحلي، ورغم أن نسب التلاميذ لكل معلم وعدد التلاميذ في الصفوف أقل من المعدلات الدولية، إلا أن المؤشرات تبرز حاجة ملحة لتطوير التعليم المبكر. فمعدل المشاركة في رياض الأطفال بين سن الثالثة والخامسة يبلغ 91 في المئة، وهو أعلى من المتوسط الدولي، لكن الحكومة تهدف إلى رفعه أكثر عبر إدخال عام ثانٍ إلزامي في رياض الأطفال، باعتباره أحد مفاتيح تحسين فرص الاندماج والدعم المبكر للأطفال قبل دخول المدرسة.

فيينا، النمسا بالعربي.