دويتشه بنك يخطط للاستغناء عن آلاف الوظائف, ويثير القلق في القطاع المصرفي العالمي
سلطت خطة دويتشه بنك لشطب الوظائف الضوء على الخطر المحدق بمعظم وظائف المصرفيين في جميع أنحاء العالم، رغم أنها تتعلق بمتاعبه الخاصة في وقت تهدد فيه الأتمتة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي بشطب معظم وظائف القطاع المصرفي.
لا يمكن فصل خطة دويتشه للاستغناء عن 18 ألف وظيفة في شتى أنحاء العالم من سيدني إلى نيويورك، عن زلزال تحولات كبرى في وظائف القطاع المصرفي بسبب التطورات التكنولوجية العاصفة.
شرارة خفض المصرف للوظائف تتعلق بضرورة ملحة هي إعادة هيكلة تصل تكلفتها إلى 7.4 مليار يورو، في ظل متاعب البنك وترجيح استمرار تسجيله للخسائر، التي قد تفاقمها تلك الخطة.
لكن محللين يرون أن البنك سوف يستغل فرصة إعادة الهيكلة للتأقلم مع التحديات المستقبلية، التي ستفرض نفسها على جميع المصارف الأخرى بسبب انتشار الأتمتة واستخدامات الذكاء الاصطناعي.
وتتسابق المصارف نحو إغلاق الفروع في معظم دول العالم وخاصة المتقدمة، بسبب انتفاء الحاجة إليها، لأن الزبائن ما عادوا بحاجة إلى زيارتها في ظل انتشار التطبيقات على الهواتف الذكية.
وقال أكبر بنك ألماني إنه سيتخلى عن وحدة الأسهم العالمية وسيقلص العمليات الخاصة بأدوات الدخل الثابت، في تراجع عن خطة طموحة قائمة منذ فترة طويلة لجعل بنكه الاستثماري المتعثر الذي يضم 38 ألف موظف قوة كبيرة في وول ستريت.
وقال البنك، الذي يعمل فيه أكثر من 91 ألف موظف في جميع أنحاء العالم إن “إجراءات إعادة الهيكلة تتضمن تخفيضات كبيرة في عدد الموظفين وتغييرات كبيرة في القيادة، وهو ما قد يعرقل الهدف المتمثل في تحسين الأرباح الأساسية”.
وكان دويتشه بنك واحدا من بنوك أوروبية قليلة احتفظت بوجود كبير من الموظفين في الولايات المتحدة عقب الأزمة المالية في عام 2008 لكنه واجه رغم ذلك صعوبة في منافسة نظيراته الأميركية، إذ أعاقته تحقيقات تنظيمية ودعاوى قضائية.
ورجحت التوقعات أن تتركز تخفيضات الوظائف في الولايات المتحدة، رغم تشديد البنك على رغبته في الإبقاء على حضور كبير له هناك، لأسباب من بينها خدمة العملاء الأوروبيين من الشركات التي تجري أنشطة في البلاد.
ومن المتوقع أن تشمل الخطة تسريح المئات من موظفيه في لندن، الذين يصل عددهم إلى ثمانية آلاف موظف، خاصة في ظل موجه نزوح النشاطات المصرفية من بريطانيا بسبب غموض خطط الانفصال عن الاتحاد الأوروبي. وتضم لندن حتى الآن مقر الأنشطة المصرفية الاستثمارية لدويتشه بنك.
وقال الرئيس التنفيذي كريستيان سوينج إنه سوف يعيد تشكيل البنك، الذي رجح أن يتكبد خسائر خلال العام الحالي وكذلك في السنوات الخمس المقبلة بعد سلسلة طويلة من الانتكاسات.
وتأسس دويتشه بنك عام 1870، ولطالما كان مصدرا رئيسيا للتمويل والمشورة للشركات الألمانية الراغبة في التوسع في الخارج أو جمع أموال من أسواق السندات والأسهم الدولية.
وتمثل التخفيضات الكبيرة في الذراع الاستثمارية ارتدادا عن عملية توسع على مدى عقود بدأها بشراء مورغن جرينفيل في لندن عام 1989، ثم واصلها بعد عشر سنوات بالاستحواذ على بانكرز ترست في الولايات المتحدة.
وحقق بنك الاستثمار نحو نصف إيرادات دويتشه بنك، لكن أداءه متذبذب. ويريد الرئيس التنفيذي بعد محاولة الاندماج الفاشلة مع كومرتس بنك، التركيز على مصادر الإيرادات الأكثر استقرارا.
وفي إطار عملية الإصلاح، سيؤسس دويتشه بنك ما يعرف باسم “بنك الأصول الرديئة” لتقليص الأصول غير المرغوب فيها، بأصول مرجحة بالمخاطر قيمتها 74 مليار يورو.
ولم يكشف دويتشه بنك عن تفاصيل بخصوص تخفيضات الوظائف، لكنه قال إنها ستكون في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك ألمانيا.