
قبل شهر واحد فقط من انتخابات فيينا المقررة في 27 أبريل، أعلن عمدة المدينة مايكل لودفيغ عن رؤيته المستقبلية وخططه الهادفة إلى تحسين جودة الحياة في العاصمة النمساوية. في قلب هذه الخطط يقع التركيز على تعزيز الصحة والوقاية من الأمراض، وهو توجه بات واضحًا منذ أشهر، لكنه تجسد الآن في مشروع جديد يحمل اسم “Vienna Prevention Project”.
يتم تنفيذ هذا المشروع بالتعاون مع جامعة الطب في فيينا وصندوق التأمين الصحي للمدينة، ويهدف إلى جعل فيينا رائدة في مجال الوقاية الصحية. سيتم تنفيذ دراسة واسعة النطاق تشمل 20,000 شخص من سكان المدينة، حيث سيتم فحصهم بانتظام وتحليل بياناتهم الطبية من أجل التعرف على أنماط الأمراض واكتشاف العوامل التي تؤدي إلى الإصابة بها. الهدف من هذا النهج هو تعزيز مفهوم الطب الوقائي والكشف المبكر عن الأمراض، مما يتيح التدخل في الوقت المناسب باستخدام أحدث العلاجات القائمة على الطب الدقيق.
حاليًا، يبلغ متوسط عدد السنوات التي يتمتع فيها السكان بصحة جيدة في النمسا 57 عامًا فقط، وهو أقل بـ 15 عامًا مقارنة بالسويد. هذا الفارق الكبير يؤدي إلى تداعيات خطيرة، ليس فقط على الأفراد أنفسهم ولكن أيضًا على النظام الصحي والاقتصاد، حيث ترتفع معدلات التقاعد المبكر وحالات الإجازات المرضية. لذلك، يرى لودفيغ أن الحل يكمن في الوقاية المبكرة، والتي ستساعد على تقليل الضغط على المستشفيات والعيادات مستقبلاً، فضلاً عن تحسين نوعية الحياة لسكان فيينا.
لكن مشروع الوقاية الصحية ليس المبادرة الوحيدة التي كشف عنها لودفيغ، حيث شملت خططه عدة مجالات أخرى تتعلق بالإسكان، الابتكار، والتعليم. في مجال الإسكان، سيتم تعديل نظام تخصيص الشقق السكنية المدعومة، حيث سيتم إلغاء الشرط الذي كان يفرض على المتقدمين أن يكونوا قد أقاموا لمدة عامين متواصلين في عنوان واحد داخل المدينة. بدلاً من ذلك، سيكون المطلوب هو إثبات إقامة رئيسية لمدة عامين في أي مكان داخل فيينا، مما سيتيح للأشخاص الذين يعيشون في مساكن مؤقتة، مثل الطلاب أو الأفراد الذين يمرون بظروف حياتية متغيرة، فرصة أفضل للحصول على سكن مدعوم.

أما على صعيد التكنولوجيا والابتكار، فقد أعلن العمدة عن إنشاء “صندوق المدينة الذكية”، وهو مبادرة تهدف إلى دعم الشركات الناشئة والمشاريع التكنولوجية المبتكرة، خاصة في مجالات الرقمنة، الطاقة، النقل، والعلوم الحيوية. يهدف هذا الصندوق إلى تعزيز مكانة فيينا كمركز للابتكار وريادة الأعمال، كما سيضمن وجود إطار تنظيمي واضح لدعم الشركات الناشئة، مع إشراف مجلس استشاري من الخبراء لضمان استخدام الأموال بشكل فعال لدعم تحول المدينة نحو اقتصاد أكثر استدامة وتقدماً.
وفي قطاع التعليم، سيتم إطلاق مبادرة جديدة لدعم الأطفال والمراهقين الذين خضعوا لعلاج نفسي ويرغبون في العودة إلى الدراسة. من خلال “صفوف إعادة التأهيل”، سيتم توفير بيئة مدرسية مرنة تساعد هؤلاء الطلاب على الاندماج مجددًا في الحياة الدراسية بطريقة تدريجية، مع تقديم الدعم النفسي والتربوي اللازم لهم خلال هذه المرحلة الانتقالية.
وأخيرًا، تم الإعلان عن مشروع تطوير منطقة أوتو فاغنر، حيث سيتم إنشاء حرم جامعي جديد لجامعة الموسيقى والفنون في فيينا (MUK)، إلى جانب توفير مساكن طلابية جديدة. يأتي هذا ضمن خطة أوسع لتعزيز البنية التحتية التعليمية في المدينة، مما سيجعل فيينا أكثر جذبًا للطلاب والفنانين من جميع أنحاء العالم.
النمسا بالعربي.