
إدراكًا للوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد، اجتمعت الحكومة الجديدة في أول “اجتماع عمل” لها لمناقشة استراتيجيات لدعم الصناعة الوطنية وخفض تكاليف الطاقة. ورغم أن الاجتماع لم يسفر عن قرارات فورية، فقد قدم المستشار الاتحادي وزعماء الأحزاب الحاكمة رؤية عامة لخطط تهدف إلى تنشيط الاقتصاد وتعزيز القدرة التنافسية للصناعة المحلية.
إحدى النقاط المحورية التي تم التطرق إليها هي إصلاح قطاع الطاقة بهدف تخفيف الأعباء على الشركات والمستهلكين الأفراد. ومن بين الخطوات المقررة، العمل على تخفيض تكاليف الشبكة الكهربائية، وهو ما كان قد أعلنه وزير الاقتصاد ولفغانغ هاتمانسدورفر قبل انعقاد الاجتماع. وتسعى الحكومة إلى إعادة هيكلة نظام تسعير الكهرباء، بحيث يصبح أكثر مرونة ويعتمد بدرجة أكبر على مبدأ “من يستهلك أكثر يدفع أكثر”.

من جانبها، وجهت زعيمة حزب النيوس ووزيرة الخارجية، بياته مينل-رايزينغر، انتقادات مبطنة للحكومة السابقة، مشددة على ضرورة التركيز على إصلاحات هيكلية بدلاً من مجرد ضخ أموال لحل المشكلات الاقتصادية. كما أعلنت عن حزمة إصلاحات في مجال التعليم، تشمل تعميم الفصول التمهيدية للأطفال غير الناطقين بالألمانية، لمساعدتهم على التأقلم مع النظام المدرسي قبل إدماجهم في الفصول العادية.
بالإضافة إلى ذلك، تسعى الحكومة إلى تعزيز التعليم المهني عبر حملة لتأهيل القوى العاملة، إلى جانب تسهيل استقدام العمالة الماهرة من الخارج، بهدف سد الفجوات في سوق العمل.
أما في قطاع الإسكان، فقد أكد نائب المستشار وزعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، أندرياس بابلر، على أهمية توفير مساكن بأسعار معقولة. وإلى جانب تجميد أسعار الإيجارات، تعتزم الحكومة تبسيط إجراءات البناء وضمان توجيه دعم الإسكان بشكل أكثر فعالية.
ورغم أن الخطط التي تم عرضها لا تزال غير واضحة المعالم، فإن الحكومة دافعت عن نهجها، مشيرة إلى أن وضع استراتيجية صناعية متكاملة يتطلب وقتًا. وفي الوقت نفسه، تعكس التوقعات الاقتصادية صورة قاتمة، حيث انكمش الاقتصاد بنسبة 1.2% في العام الماضي، وهو معدل أكبر من المتوقع. ويبدو أن الأزمة قد تتفاقم بفعل التوترات التجارية العالمية، خاصة مع الولايات المتحدة، وفقًا لما أشار إليه بابلر.
وفي سياق مماثل، أبدت وزيرة الخارجية موقفًا متشائمًا، مؤكدة أن “الواقع الجديد يفرض علينا الاعتراف بأن الوضع الاقتصادي ليس جيدًا”، مشيرة إلى أن البيانات النهائية من معاهد الأبحاث الاقتصادية ستصدر قريبًا، ومن المتوقع أن تؤثر بشكل مباشر على مسار السياسة المالية للحكومة.
وفي ظل هذه الظروف، شدد المستشار ستوكر على التزام الحكومة بسياسة تقشفية، مؤكدًا أن العجز المالي الكبير الذي ساد في السنوات الأخيرة لا ينبغي أن يصبح القاعدة الجديدة. وأشار إلى أن الإدارة المالية للبلاد يجب أن تعود إلى مسار مستدام، مع التأكيد على أن أي خطوات إصلاحية يجب أن تتسم بالواقعية والاتزان.
النمسا بالعربي.