
بدأت صباح الثلاثاء في محكمة الجنايات بفيينا محاكمة سيدة تبلغ من العمر 30 عامًا، متهمة بقتل مولودتها بعد وقت قصير من ولادتها في مستشفى “فاڤوريتن” في نوفمبر 2024. وكانت الطفلة قد اختفت من وحدة حديثي الولادة، قبل أن تُعثر الشرطة على جثتها في اليوم التالي داخل حاوية نفايات قريبة من المستشفى، بعد أن أرشدت الأم المحققين إلى الموقع.
ومثلت السيدة أمام المحكمة وهي تغطي وجهها بوشاح، بينما أوضحت محاميتها أستريد فاغنر أن موكلتها ما زالت تحت وقع الصدمة، مؤكدة أن الاعتراف كان فوريًا وأن الحادثة وقعت في لحظة انهيار عاطفي. وأضافت أن الأم لم تكن تملك دافعًا لقتل الطفلة، لكنها دخلت في حالة من التشتت الكامل بعد خروجها المفاجئ من المستشفى، ووصفت ما حدث بأنه “انفعال لحظي غير مفسَّر”.
ومثل الدفاع ركّز على غياب التشخيص الرسمي لحالة يُشتبه أنها “ذهان ما بعد الولادة”، وأوضح أن الأم كانت تمر بظروف نفسية صعبة، وقالت في التحقيق إنها لم تفكر في ترك الطفلة ضمن حضانة الأطفال (Babyklappe) لأنها لم تكن تنوي التخلي عنها أصلًا. وأضافت أنها نشأت في بيئة مغلقة داخل عائلة تركية محافظة، حيث كانت تُعامل كخادمة، بحسب أقوالها.
أما ما حدث يوم الجريمة، فقد أوضحته الأم بصوت مرتعش خلال الجلسة. عندما بدأت الطفلة، التي كانت تُدعى “ميليك”، في البكاء، شعرت الأم بالارتباك والذعر، ثم قامت بخنقها، قبل أن تضعها في كيس نفايات وتضربه ثلاث مرات على الأرض. بعد ذلك وضعت الكيس بجوار إحدى الحاويات، دون أن تتفقد الطفلة مجددًا.
وتُواجه المتهمة في هذه القضية حُكمًا يتراوح بين عشرين سنة والسجن المؤبد، غير أن فريق الدفاع يسعى لإعادة توصيف التهمة بموجب المادة 79 الخاصة بقتل طفل بعد الولادة مباشرة، والتي تنطوي على عقوبة أقل. وتقول فاغنر إن موكلتها كانت لا تزال في “حالة نفسية مضطربة مرتبطة بالولادة” بعد مرور أسبوع كامل على الإنجاب.

وجاء في أقوال المتهمة أنها كانت قد فكرت في الإجهاض، لكن المهلة القانونية كانت قد انقضت عند بلوغ الأسبوع التاسع عشر من الحمل. بعد ذلك، كما أظهرت التحقيقات، بحثت عبر الإنترنت عن طرق للإجهاض خارج البلاد أو اختطاف الأطفال.
أما والد الطفلة، فقد أكد في شهادته أمام المحكمة أنه زار الطفلة يوميًا في المستشفى، وأنه جهّز غرفة لاستقبالها في منزله. وأضاف أن الأم تحدثت إليه بالفيديو بعد الجريمة مباشرة، ولم تظهر عليها أي علامات ارتباك، بل تحدثت وكأنها ممرضة تُبلغ عن واقعة طبية. رغم ذلك، لم ينضم الرجل إلى المحاكمة بصفة طرف متضرر.
وبحسب السجلات، فإن العلاقة بين الطرفين كانت متوترة، وكان الرجل قد جند المتهمة سابقًا لمساعدته في عملية تهريب بشر عبر المجر، مما أدى إلى سجنها 15 شهرًا. بعد الإفراج عنها، عادت العلاقة بينهما رغم رفض أسرتها، وأسفرت عن الحمل ومن ثم الواقعة محل المحاكمة.
وأمام المحكمة، طُرحت أسئلة كثيرة لم تلقَ إجابات حاسمة: لماذا لم تسلّم الطفلة رسميًا؟ ولماذا لم تخبر والدها؟ ولماذا لم تحاول الاستمرار في الحياة مع طفلتها رغم أنها شابة متعلمة وتعيش في بلد يتيح الدعم الاجتماعي؟
فيينا، النمسا بالعربي.