Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
أخبار النمسا

مقالة في در ستاندرد النمساوية: جدل صيام رمضان في المدارس بين التقاليد والأحكام المسبقة

في العديد من المدارس، أصبح تزايد أعداد التلاميذ الصائمين "مشكلة متنامية" وفقًا لما أبدته نقابة معلمي المدارس الإلزامية في بداية الأسبوع. فهل هي مجرد حالات فردية أم ظاهرة أكبر؟

يُعد رمضان شهرًا مقدسًا للمسلمين، حيث يحيي ذكرى نزول القرآن على النبي محمد. بالنسبة لأكثر من 700 ألف مسلم ومسلمة في النمسا، يعني ذلك الامتناع عن الطعام والشراب من الفجر حتى المغرب، ثم الاجتماع مع العائلة للإفطار. وبحسب الهيئة الإسلامية في النمسا (IGGÖ)، فإن الهدف من الصيام هو تنقية الروح والجسد والتقرب من الله.

لكن هذا الشهر بات في قلب الجدل الإعلامي، حيث تتحدث بعض التقارير عن أطفال يعانون من التعب ونقص السكر في الدم، أو يتعرضون للإغماء خلال دروس الرياضة، أو يضغطون على بعضهم البعض للصيام، رغم أن الأطفال في الأصل غير ملزمين به. ويُطرح التساؤل عما إذا كان رمضان بات يهيمن على الحياة المدرسية إلى درجة تؤثر على النظام اليومي.

أثار تصريح من توماس كريبس، ممثل نقابة المعلمين في المدارس الإلزامية، نقاشًا واسعًا. حيث عبّر عن قلقه من أن حتى الأطفال في سن السادسة يصومون، وأن البعض منهم يستبعدون زملاءهم الذين لا يشاركونهم الصيام، في حين أن بعض الآباء لا يرون مشكلة في ذلك. سرعان ما امتد النقاش إلى السياسة، حيث قالت وزيرة الاندماج كلوديا بلاكولم (ÖVP) إن “الأفكار المتطرفة تلقى مزيدًا من القبول”، بينما علق حزب الحرية اليميني الشعبوي أن الأمر نتيجة “لسياسات الهجرة الخاطئة”.

لكن إلى أي مدى يعد صيام الأطفال ظاهرة حقيقية؟ لا توجد إحصائيات دقيقة حول عدد التلاميذ الصائمين، كما أن مديرية التعليم في فيينا تجد صعوبة في تقدير حجم الظاهرة، إذ لم تتلقَ العديد من البلاغات حول ذلك. فهل يتم تضخيم بعض الحالات الفردية، أم أن هناك بالفعل ظاهرة متنامية؟

من المؤكد أن عدد التلاميذ المسلمين في تزايد، خاصة في المدن الكبرى. ففي فيينا، يشكل المسلمون حوالي ثلث طلاب المدارس الابتدائية، ما يجعلهم ثاني أكبر مجموعة دينية بعد المسيحيين الذين يمثلون 37%. ومع هذا التغير الديموغرافي، أصبح من الطبيعي أن يكون رمضان موضوعًا متكررًا في المدارس.

 

الطلاب المسلمون يشكلون أكبر مجموعة دينية في المدارس الفييناوية
الطلاب المسلمون يشكلون أكبر مجموعة دينية في المدارس الفييناوية

 

يرى هانِس غرونبيخلَر، من اتحاد المعلمين المستقلين، أن الأطفال الصائمين أصبحوا أصغر سنًا، مما يخلق بعض التحديات، مثل الحاجة إلى مراقبة إضافية في دروس الرياضة عندما يكون التلاميذ صائمين. ويعتقد أن الأطفال يرغبون في تقليد الكبار وإثبات أنفسهم داخل المجموعة.

تلعب العائلات دورًا رئيسيًا في هذا الأمر، وقد طُرحت مطالب بفرض عقوبات على الآباء الذين يسمحون لأطفالهم بالصيام. لكن على عكس ما قاله كريبس، فإن غرونبيخلَر ومديرية التعليم لم يلاحظوا رفضًا من قبل الآباء لفكرة منع الصيام.

يقول أستاذ اللغة الألمانية كلغة ثانية، علي دونمز، إن الواقع في معظم الأسر يختلف عن الصورة التي ترسمها بعض التقارير. فمعظم الآباء يحاولون إقناع أطفالهم بتأجيل الصيام حتى يصبحوا أكبر سنًا. لكنه يفهم رغبة الأطفال في المشاركة، إذ يشعرون بأن رمضان فترة مميزة ويريدون أن يكونوا جزءًا منها.

يوضح دونمز مفهوم “صيام الأطفال”، حيث يتم الاتفاق بين الأطفال والآباء على الصيام لفترات قصيرة، مثل الامتناع عن الأكل من الإفطار حتى الاستراحة الكبرى، أو الصيام فقط في عطلة نهاية الأسبوع، مع السماح لهم بالأكل والشرب في أي وقت إذا شعروا بالحاجة. لكنه يشعر أن بعض المعلمين يتوقعون من الآباء أن يمنعوا أطفالهم تمامًا من الصيام.

تقول معلمة في مدرسة متوسطة في الحي العشرين بفيينا، فضّلت عدم ذكر اسمها، إن بعض زملائها يُبدون مواقف سلبية تجاه رمضان، رغم أن العديد من تلاميذها في سن 13 و14 عامًا يصومون دون مشاكل. وترى أن الضغط الجماعي موجود دائمًا في هذه الفئة العمرية، وليس فقط فيما يتعلق بالصيام.

ما يزعجها أكثر في النقاش الحالي هو أن هناك تلاميذًا يعانون من الجوع يوميًا بسبب الظروف الاجتماعية، ويطلبون الطعام من زملائهم، لكن ذلك لا يثير استنكارًا واسعًا، في حين أن صيام بعض الأطفال في رمضان يصبح قضية مثيرة للجدل.

مترجم عن مقالة في صحيفة در ستاندر النمساوية.

مقالات ذات صلة