
داخل متجر “شتوغر” العريق في دبلينغ، تتزاحم العائلات والأطفال بين رفوف الحقائب والدفاتر استعداداً للعام الدراسي الجديد. مشهد الحماسة الذي يسبق الأول من سبتمبر لا يقتصر على الزبائن فقط، بل يمثل شريان حياة للمتجر نفسه. تقول مالكته باربارا نِب: “من دون هذه الفترات التي تبلغ فيها المبيعات ذروتها، لن نستطيع الاستمرار، حتى لو كنا مشغولين طوال العام”.
نِب التي دخلت مجال القرطاسية صدفة خلال فترة إجازة الأمومة، تدير اليوم متجرين في فيينا، بينها “شتوغر” الذي يحتفل بمرور 100 عام على تأسيسه. لكن الحفاظ على تقليد عائلي في ظل الظروف الاقتصادية الحالية ليس سهلاً. فأسعار الطاقة ارتفعت بنحو 70% وأجور الموظفين 30% خلال السنوات الماضية. وترى نِب أن تحميل المستهلك هذه التكاليف سيبعد الزبائن، لذلك تعوّل على إجراءات حكومية لخفض الأعباء عن المتاجر المستقلة، بعدما أُغلق مؤخراً متجر آخر في الحي الثاني.
لكن التحدي الأكبر يبقى منافسة سلاسل التجزئة العالمية والمتاجر الإلكترونية. شركات كبيرة تشتري البضائع وتدفع أثمانها بعد عام كامل، فيما تضطر المتاجر الصغيرة للسداد خلال أسبوعين. كما أن حقائب مدرسية订 تُطلب قبل عام تقريباً، ما يفرض على المتجر بيع الموديلات القديمة بأسعار مخفضة بمجرد طرح نسخ جديدة. ومع ذلك، تصر نِب على تقديم استشارات شخصية لا تجدها العائلات عند التسوق عبر الإنترنت، مؤكدة أن معظم من يستفيدون من هذه الخدمة يشترون في النهاية.

ولتقوية علاقتها بالزبائن، ابتكرت نِب سلسلة خدمات تجعل من متجرها تجربة مختلفة: من أكياس مدرسية يزينها الأطفال مقابل هدية صغيرة، إلى “قائمة المدرسة الجاهزة” حيث تُحضَّر المستلزمات مسبقاً، مروراً بخدمة تغليف الكتب في اليوم الأول من الدراسة، وخصم خاص للأسر التي لديها توائم. حتى إصلاح الحقائب يُدار بعناية، حيث يحصل الطفل على حقيبة بديلة ريثما تُصلح حقيبته.
ورغم الضغوط، تحافظ الورقية على مزيج من الخيارات: دفاتر وأدوات بأسعار تقل أحياناً عن سلاسل التجزئة الكبرى، إلى جانب منتجات عالية الجودة بأسعار أعلى. تقدّر نِب أن عائلة متوسطة ستنفق نحو 150 يورو هذا العام على مستلزمات أساسية من متجرها، وتؤكد أن الحفاظ على روح القرطاسية التقليدية وتقديم خدمة شخصية هما السبيل الوحيد لصمود المتاجر الصغيرة أمام عمالقة السوق.
فيينا، النمسا بالعربي.