Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
قوانين و حماية

الإردوغانوفوبيا , قلق النمسا الأوّل .

صورة غاضبة وقبيحة لأردوغان وهو يصرخ مُحمرّاً , وفي أسفلها امرأة منقبة تعصب رأسها بشعار ( إيفيت ) , وبجانبها صورة أخرى لشيخ يضع عمامة ويهتف للسلطان , كل هذا لتأكيد أسلمة عملية الاستفتاء , إلى جانبها كتبت الصحيفة ” انتصار أدروغان , أتراك النمسا يؤيدون الديكتاتور ” , وفي أسفل هذا المانشيت المليئ بالغضب يظهر كورتس بزيه الرسمي المعتاد مبتسماً ” لا انضمام لتركيا للاتحاد الأوروبي ” , صحيفة الهويته اختصرت من جهتها عناء الصور والتصاميم وكتبت بالمانشيت العريض فيما يشبه التحذير للنمساويين : ” فيينا هي عاصمة أردوغان الجديدة ” .
لم يكن أشد المتفائلين من أتراك النمسا , والذين روّجوا وتمنوا نجاح الاستفتاء على التعديلات الدستورية في تركيا , لم يكن أشدهم تفائلاً يعتقد أن نسبة التأييد في النمسا ستتجاوز السبعين في المئة , نتيجة استفتاء أتراك النمسا جاءت كالصاعقة على رأس وزير خارجيتها سيباستيان كورتس بالدرجة الأولى ثم على الائتلاف الحاكم كونه المعارض الأبرز لانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي , السعيد الوحيد كان حزب الحرية اليميني الّذي أكّد عبر سلسلة طويلة من التغريدات والتصريحات لقياداته ومؤيديه الشرخ الكبير بين الجالية التركية الموجودة في النمسا والمجتمع النمساوي الأكثر انغلاقاً في أوروبا الغربية .
ولايات تركية قليلة جداً تجاوزت بها نسبة التأييد حاجز السبعين , منها أرزروم وقونيا وبعض البلديات الصغيرة وسط وشمال الأناضول , والتي تعتبر جميعها معاقلاً للإسلاميين , نجاح الاستفتاء جاء مدعوماً من الأرياف والبلديات الصغيرة ثم من أتراك الخارج , والأكيد أنّ الأتراك الّذين صوتوا ضد العدالة والتنمية في أنقرة واسطنبول ليسوا أكثر التزاماً وتديّناً من الأتراك الّذين صوّتوا لصالح التعديلات في النمسا وألمانيا وعموم أوروبا , تخطى الموضوع إذاً حاجز الدين ليطرح التساؤل الأبرز في النمسا هذه الأيّام , مالذي حدث ؟
الجواب الوحيد الذي تغاضت كل التحليلات النمساوية عنه هو الاستقطاب الّذي أحدثه الائتلاف الحاكم وكامل النخبة السياسية في النمسا بدءاً بوزير خارجيتها وانتهاءاً بأصغر محرر في الصحف اليومية , هذا الاستقطاب جاء متراكماً منذ اللحظة الأولى التي أُعلن بها التفاهم التركي الأوروبي الخاص باللجوء من أكثر من عام , وزاده شرخاً الموقف الأوربي الناقد لاجراءات تركيا عقب الانقلاب الفاشل , وأخيراً وليس آخراً حملة المعاداة الكبيرة للتعديلات الدستورية التي طرحها حزب العدالة والتنمية ومنع المسؤولين الأتراك من اقامة فعاليات تروّج للتعديلات .
أكثر من هذا أنّ وزير الخارجية دعا أتراك النمسا إلى التظاهر في تركيا وليس في النمسا إثر الأزمة الكبيرة بين تركيا وهولندا , ثم تداول النخبة السياسية والتشريعية لمشروع قانون يجرد الأتراك النمساويين من الجنسية المزدوجة , يستهدف القرار بالأخص الأتراك الذين ولدوا في النمسا وحصلو على جنسيتها , هذا عدا مئات المقالات والانتقادات اليومية في الصحف والمجلات وعلى مواقع التواصل الاجتماعي ضد أردوغان وحكومته , كل ذلك غذّى بشكل أو بآخر الاستقطاب لصالح القومية لا الدين , ودفع الأتراك النمساويين إلى التأييد .
الموقف من تركيا هي الشيئ الوحيد الّذي يتوحد خلفه الساسة وصنّاع القرار في النمسا , الدعوات إلى الغاء محادثات انضمام تركيا للاتحاد الأوربي وحماية الحدود الخارجية للاتحاد هو حديث يومي للصحف والوزراء , لا أعرف ما الّذي سيفعله السيّد كورتس عندما تعلن تركيا انهيار الاتفاق , لا أعرف كيف سيقوم بحماية الحدود الخارجية للاتحاد وكم سيحتاج من قوات ومعدّات لإيقاف مراكب اللاجئين , أو كم ستصبر اليونان ومقدونيا والمجر أمام ألوف اللاجئين المنتظرين على حدودها , نجم كورتس اللامع كان سببه أردوغان عندما أوقف سيل الهجرة لأوروبا , لا حنكته الّتي تجسدت بمعتقلات اللجوء في اليونان .
بعيداً عن السيّد كورتس , تستغل الأحزاب اليمينية في النمسا هذا الحدث لتؤكد عدم ولاء الأتراك للجمهورية النمساوية , والنغمة تمتد لتشمل أزمة اللاجئين , ماذا تنتظرون من اللاجئين ومن كل محاولات ادماجهم بالمجتمع إن كان الفشل ذريعاً لهذا الحد مع الأتراك ؟ أكثر من خمسين عام والنمسا في محاولة استيعاب المجتمع والجالية التركية فيها , كل محاولات اختراق المجتمع التركي في أوروبا سقطت مع أول امتحان , كل الأفلام والمسلسلات ( الألمانو-تركية ) , كل الجمعيات التي أُغدقت بالأموال لاحداث الاختراق ولدعم المعارضة , كل الأموال التي استثمرتها أوروبا الغربية في دعم حزب العمال الكردستاني , كل هذا لم يمنع من ( انتصار أردوغان ) كما ذكرت الأوسترايخ النمساوية .
مواقف السيّد كورتس هي السبب , تكرير المواقف مع اللاجئين الموجودين في النمسا سيعيد ذات النتائج في أزمنة قادمة .
خالد علّوش .

مقالات ذات صلة